فمن الأشخاص مَن لا يتعامل مع ما يرى في منامه أو يُذْكَرُ له من رؤَى إلَّا بهذا المبدأ؛ (أضغاث أحلام)!! فَيَصف جميعَ الرُّؤَى المناميَّة بهذا الوصف، وربَّما رأى أنَّ التَّشاغُلَ بالرُّؤَى مضيعةٌ للوقت أو من العبث؛ وذلك بسبب جهله بالرُّؤَى وتعبيراتها؛ فنقول لهؤلاء: إنَّ النَّبيَّ r بيَّن مكانةَ الرُّؤيا فقال- عليه الصَّلاةُ والسَّلام: «رؤيا المؤمن جزءٌ من ستة وأربعين جزءًا من النبوة»([1])، وقال r عن الرُّؤيا في آخر الزَّمان أنَّه «إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب»([2]). أخرجه مسلم.
وكان النَّبيُّ r يسأل أصحابَه عمَّا رَأَوا في منامهم ويفسِّر لهم؛ قال القرطبيُّ في المفهم: (على الرَّائي أن يَعْتَني بها ويسعى في تفهُّمها ومعرفة تأويلها؛ فإنَّها إمَّا مبشِّرةٌ له بخير، أو محذرةٌ له من شَرٍّ؛ فإن أدرك تأويلَها بنفسه وإلَّا سأل عنها مَن له أهليَّةُ ذلك؛ وهو اللَّبيبُ الحبيبُ، ولذلك كان النَّبيُّ r يقول إذا أصبح: «هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا فليقصها أعبرها له». فكانوا يقصُّون عليه ويعبُر([3]).
إنَّ الجهلَ بآداب الرُّؤَى والأحلام قد يوقع الإنسانَ في وساوس وأوهام لا حدودَ لها؛ فإنَّ من الصَّحابة مَن كانت الرُّؤيا تُمرضه، ومنهم مَن كان يرى الرُّؤيا كالجبل الذي يريدُ أن يسقط عليه، فلما أخذوا بتلك الآداب أصبحوا لا يُبالون بتلك الرُّؤَى التي كانت تُزْعجهم؛ فعلى المسلم أن يتعلَّمَ آدابَ الرُّؤَى والأحلام؛ كي ينجوَ من تبعاتها وآثارها؛ فمن آداب الرُّؤيا الصَّالحة ما يلي:
أ- أن يحمد الله عليها ويستبشر بها.
ب- أن يحدِّث بها من يحب.
ج- لا يخبر بها حاسدًا أو جاهلاً.
وأمَّا آدابُ الرُّؤيا المكروهة فهي ستَّةٌ كما دلَّت عليها الأحاديث الصَّحيحة وهي:
أ- أن يستعيذَ بالله من شرورها.
ب- أن يستعيذ بالله من الشيطان.
ج- أن ينفث ثلاثًا عن شماله.
د- لا يخبر بها أحدًا.
هـ- يتحول إلى جنبه الآخر.
و- يقوم يتوضأ ويصلي ([1]).
([1])انظر فتح الباري (12/459).
([1])رواه البخاري برقم (6987)؛ ومسلم (2264).
([2])أخرجه مسلم برقم (2263).
([3])المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 6/14.