اعتقاد ان تفسير الاحلام هو علم للغيب

إنَّ من الجهل أن يتصوَّر الإنسان أنَّ تفسيرَ الرُّؤيا من علم الغيب الذي اختصَّ الله به، فنتج عن هذا الخطأ الغُلُوُّ في المفسِّر الذي يَصْدُقُ تعبيرُه؛ فمنهم مَن رَفَعَه إلى منزلة الأنبياء، ومنهم مَن جَعَلَ له شيئًا من خصائص الألوهيَّة، مع أنَّ ذلك المفسِّرَ اعتمد في تفسيره على طرق واستدلالات معيَّنة يمكن معرفتها، وقد ذكر ابنُ القَيِّم والقرطبيُّ- رحمهما الله- كلامًا نفيسًا في كيفيَّة تفسير الرُّؤيا والاستدلال بالشَّيء على نظيره، رأيتُ من المناسب ذكرُه حتى يكون القارئ على علم من تفسير الرؤى وحتى لا يتلاعب به المتخرِّصون عند تعذُّر العالم المعبِّر، وإن كان بعضُها سيختلف تأويلُها باختلاف الرَّائي وأحواله.

مواقع معتمدة لتفسير الاحلام

tafsir ahlam

تفسير الأحلام : الثعبان

تفسير الأحلام – ويكيبيديا

قال ابنُ القيِّم([1]): (بل هذا أهل عبارة الرُّؤيا التي هي جزء من أجزاء النُّبُوَّة ونوع من أنواع الوحي؛ فإنها مبنيَّةٌ على القياس والتَّمثيل واعتبار المعقول بالمحسوس؛ ألا ترى أنَّ الثِّياب في التَّأويل كالقمُص تدلُّ على الدِّين؛ فما كان فيها من طول أو قصر أو نظافة أو دَنَس فهو في الدِّين كما أوَّل النَّبيُّ r القميصَ بالدِّين والعلم، والقدرُ المشترك بينهما أنَّ كلاًّ منهما يستر صاحبَه ويُجمِّله بين الناس؛ فالقميصُ يستر بدنَه والعلم والدِّين يستر روحَه وقلبَه ويُجَمِّلُه.

ومن هذا التَّأويل اللَّبَن بالفطرة؛ لما في كلٍّ منهما من التَّغذية الموجبة للحياة وكمال النَّشأة، وأنَّ الطفلَ إذا خُلّي وفطرته لم يعدل عن اللَّبن؛ فهو مفطورٌ على إيثاره على ما سواه، وكذلك فطرةُ الإسلام التي فَطَرَ اللهُ عليها النَّاس.

ومن هذا تأويلُ البقر بأهل الدِّين والخير الذين بهم عمارةُ الأرض؛ كما أنَّ البقرَ كذلك، مع عدم شرِّها وكثرة خيرها وحاجة الأرض وأهلها إليها؛ ولهذا لما رأى النَّبيُّ r بقرًا تنحر كان ذلك نحرًا في أصحابه.

ومن ذلك تأويلُ الزَّرع والحرث بالعمل؛ لأنَّ العاملَ زارعٌ للخير والشَّرِّ، ولابدَّ أن يخرج له ما بذرَه كما يخرج للباذر زرع ما بذره؛ فالدُّنيا مزْرَعة، والأعمال البذر، ويومُ القيامة يوم طلوع الزَّرع للباذر وحصاده.

ومن ذلك تأويلُ الخشب المقطوع المتساند بالمنافقين، والجامع بينهما أنَّ المنافقَ لا روحَ فيه ولا ظلَّ ولا ثمرَ؛ فهو بمنزلة الخشب الذي هو كذلك، ولهذا شبَّه الله تعالى المنافقين بالخُشُبُ المُسنَّدة؛ لأنَّهم أجسامٌ خاليةٌ عن الإيمان والخير، وفي كونها مسندة نكتة أخرى؛ وهي أنَّ الخشبَ إذا انتفع به جعل في سقف أو جدار أو غيرها من مظانِّ الانتفاع، وما دام متروكًا فارغًا غيرَ منتَفَع به جعل مُسندًا بعضُه إلى بعض؛ فشبه المنافقين بالخشب في الحالة التي لا ينتفع فيها بها.

ومن ذلك تأويل النَّار بالفتنة لإفساد كلٍّ منهما ما يمرُّ عليه ويتَّصل به؛ فهذه تحرق الأثاثَ والمتاعَ والأبدانَ، وهذه تحرق القلوبَ والأديانَ والإيمانَ.

ومن ذلك تأويلُ النُّجوم بالعلماء والأشراف؛ لحصول هداية أهل الأرض بكلٍّ منهما، ولارتفاع الأشراف بين الناس كارتفاع النُّجوم.

ومن ذلك تأويلُ الغيث بالرَّحمة والعلم والقرآن والحكمة وصلاح حال الناس.

ومن ذلك خروج الدم في التَّأويل على خروج المال، والقدر المشترك أن قوام البدن بكل واحد منهما.

ومن ذلك الحَدثُ في التأويل يدل على الحدث في الدين؛ فالحدث الأصغر ذنب صغير والأكبر ذنب كبير.

ومن ذلك أنَّ اليهوديَّةَ والنَّصرانيَّةَ في التَّأويل بدعة في الدين؛ فاليهوديَّةُ تدلُّ على فساد القصد واتِّباع غير الحقّ، والنَّصرانيَّةُ تدلُّ على فساد العلم والجهل والضَّلال.

ومن ذلك الحديد في التَّأويل وأنواع السِّلاح يدلُّ على القوَّة والنَّصر بحسب جوهر ذلك السِّلاح ومرتبته.

ومن ذلك الرَّائحةُ الطَّيِّبة تدلُّ على الثَّناء الحسن وطيب القول والعمل، والرائحة الخبيثة بالعكس، والميزان يدلُّ على العدل، والجراد يدلُّ على الجنود والعساكر والغَوْغاء الذين يمُوجُ بعضهم في بعض، والنَّحلُ يدلُّ على مَنْ يأكل طيِّبًا ويعمل صالحًا، والدِّيك رجل عالي الهمة بعيدُ الصِّيت، والحيَّة عدو أو صاحب بدعة يهلك بسمِّه، والحشرات أوغاد الناس، والخلد رجل أعمى يتكفَّفُ الناس بالسؤال، والذئب رجل غشوم ظلوم غادر فاجر، والثعلب رجل غادر مكَّار محتال مراوغ عن الحقِّ، والكلب عدول ضعيف كثير الصخب والشر في كلامه وسبابه، أو رجلٌ متَّبع هَواه مؤثرٌ له على دينه، والسّنَّوْرُ العبد والخادم الذي يطوف على أهل الدَّار، والفأرة امرأةُ سوء فاسقة فاجرة، والأسد رجل قاهر مسلّط، والكبش الرجل المنيعُ المَتبُوع.

ومن كلِّيَّات التعبير أنَّ كلَّ ما كان وعاء للماء فهو دالٌّ على الأثاث، وكلَّ ما كان وعاءً للمال كالصُّندوق والكيس والجراب فهو دالٌّ على القلب، وكلَّ مدخول بعضه في بعض وممتزج ومختلط فدالٌّ على الاشتراك والتَّعاون أو النِّكاح، وكلَّ سقوط وخرور من عُلُوٍّ إلى سفل فمذموم، وكلَّ صُعُود وارتفاع فمحمود إذا لم يجاوز العادة وكان ممَّن يليق به، وكلَّ ما أحرقته النارُ فجائحة وليس يُرجى صلاحُهُ ولا حياته، وكذلك ما انكسر من الأوعية التي لا ينشعب مثلُها، وكلَّ ما خُطف وسُرق من حيث لا يرى خاطفه ولا سارقه فإنَّه ضائعٌ لا يُرجَى، وما عرف خاطفُه أو سارقُه أو مكانُه أو لم يغيب عن عين صاحبه فإنَّه يرجَى عودُه، وكلَّ زيادة محمودة في الجسم والقامة واللِّسان والذِّكر واللِّحية واليد والرِّجل فزيادة خير، وكلَّ زيادة متجاوزة للحَدِّ في ذلك فمذمومةٌ وشرٌّ وفضيحةٌ، وكلَّ ما رُئي من اللِّباس في غير موضعه المختصِّ به فمكروهٌ؛ كالعمامة في الرِّجل والخفِّ في الرأس والعقد في السَّاق، وكلَّ مَن استقضى أو استخلف أو أمر أو استوزر أو خطب ممَّن لا يليق به ذلك نال بلاءً من الدُّنيا وشرًّا وفضيحةً وشهرةً قبيحةً، وكلَّ ما كان مكروهًا من الملابس فخَلِقُه أهونُ على لابسه من جديده، والجوز مال مكنوز؛ فإن تفقَّع كان قبيحًا وشرًّا، ومن صار له ريش أو جناح له مال، فإن طار سافر.

وخروجُ المريض من داره ساكنًا يدلُّ على موته، ومتكلِّمًا يدلُّ على حياته، والخروجُ من الأبواب الضَّيِّقة يدلُّ على النَّجاة والسَّلامة من شرٍّ وضيق هو فيه، وعلى توبة، ولا سيَّما إن كان الخروجُ إلى فضاء وسَعَة؛ فهو خيرٌ محضٌ، والسَّفر والنّقلة من مكان إلى مكان انتقالٌ من حال إلى حال بحسب حال المكانين، ومن عاد في المنام إلى حال كان فيها في اليقظة عاد إليه ما فارقه من خير أو شرٍّ، وموتُ الرجل ربَّما يدلُّ على توبته ورجوعه إلى الله؛ لأنَّ الموتَ رجوعٌ إلى الله؛ قال تعالى: }ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ{. والمرهونُ مأسورٌ بدَيْن أو بحقٍّ عليه لله أو لعبيده، وودَاعُ المريض أهله أو توديعهم له دالٌّ على موته.

الاعتمادُ على تفسير الرُّؤيا على بعض الكتب المطبوعة التي تفسر الأحلام

– إنَّ كتبَ تفسير الأحلام يمكن أن يستفيد منها الإنسانُ في كيفية التَّفسير؛ أمَّا أن يفسّر من خلالها فلا شكَّ أنَّ هذا خطأٌ؛ لأنَّ الرُّؤَى والأحلامَ تَختلف باختلاف الأشخاص والزَّمان والمكان.

وقد أجاب الشَّيخُ ابن عثيمين- رحمه الله- لما سُئل عن كتب تفسير الأحلام فقال: إنِّي أنصح إخواني المسلمين ألَّا يقتنوا هذه الكتب، ولا يطالعوا فيها؛ لأنَّها ليست وحيًا منزَّلاً؛ وإنَّما هي رأي قد يكون صحيحًا وقد يكون غيرَ صحيح؛ ثمَّ إنَّ الرُّؤَى قد تتَّفق في رؤيتها وتختلف في حقيقتها بحسب مَن رآها وبحسب الزَّمن وبحسب المكان…([1]).

وقال الشَّيخُ حمّود التُّويجريّ- رحمه الله: (وقد أُلِّف في تعبير الأحلام عدَّةُ مؤلَّفات؛ منها ما يُنسَب إلى ابن سيرين([2])، ومنها ما يُنسَبُ إلى غيره، ولا خيرَ في الاشتغال بها وكثرة النَّظَر فيها؛ لأنَّ ذلك قد يُشَوِّشُ الفكرَ وربَّما حصل من القلق والتنغيص من رؤية المنامات المكروهة، وقد يدعو بعض مَن لا علمَ لهم إلى تعبير الأحلام على وَفق ما يجدونه في تلك الكتب، ويكون من المتخرِّصين القائلين بغير علم؛ ولو كان ما قيل في تلك الكتب من التَّعبير صحيحًا ومطابقًا لكلِّ ما ذكروه من أنواع الرُّؤيا لكان المعبِّرون للرُّؤيا كثيرين جدًّا في كلِّ عصر ومصر؛ وقد عُلم بالاستقراء والتَّتَبُّع لأخبار الماضين من هذه الأمَّة أنَّ العالمين بتأويل الرُّؤيا قليلون جدًّا؛ بل إنَّهم في غاية النُّدرة في العلماء؛ فضلاً عن غير العلماء…) ص169 من كتاب الرُّؤيا.

تفسير الاحلام 

([1])فتاوى نور على الدرب (2/483-484).

([2])ذكر الشيخ مشهور حسن أن كتاب تعبير الرؤيا ومنتخب الكلام في تفسير الأحلام لا يصح نسبتها لابن سيرين. وقد بين الأسباب في كتابه، كتب حذر منها العلماء (2/275).

ظنُّ البعض أنَّ الرُّؤيا لا تكون صادقةً إلَّا وقتَ السَّحَر

الصَّوابُ أنَّ الرُّؤيا تصدق في وقت السَّحَر وفي غيره من الأوقات من ليل أو نهار، وكون الرُّؤيا تصدق في السَّحَر غالبًا، هذا لا يعني أنَّها لا تصدق في غير هذا الوقت، وأما الحديث الذي رواه أحمد والتِّرمذيُّ والدَّارميُّ وابنُ حبَّان في صحيحه، أنَّ النَّبيَّ r قال: «أصدقُ الرُّؤيا بالأسحار»([1])؛ فهذا الحديثُ إن صحَّ محمولٌ على الغالب؛ لفضيلة ذلك الوقت؛ فهو وقتُ النُّزول الإلهيِّ واقتراب الرَّحمة وسكون الشَّياطين.

tafsir ahlam

وقد روى البخاريُّ في صحيحه باب الرُّؤيا بالنَّهار
ثم ذكر عن ابن عون عن ابن سيرين: رؤيا النَّهار مثل رؤيا اللَّيل، ثم ذكر حديث رقم (7001) حول إمكانيَّة الرُّؤيا بالنَّهار.

قد يتبادرُ للبعض أنَّ الرُّؤيا يقع تعبيرُها في اليوم الثاني أو الثالث، فإذا مضت هذه المدَّةُ القليلةُ ولم يقع تعبيرُها تجاهل هذه الرُّؤيا وما فيها من بشارة أو نذارة؛ وهذا لا شكَّ أنَّه خطأٌ؛ فقد أخرج الطَّبريُّ والحاكم والبيهقيُّ في الشعب بسند صحيح عن سلمان الفارسيِّ قال: (كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عامًا)([2]).

 

([1])قال الألباني في المشكاة (2/1304) إسناده ضعيف. وانظر السلسلة الضعيفة حديث رقم (1732).

([2])ذكر ذلك الحافظ في الفتح (12/466).

اعتقاد ان tafsir ahlam تفسير الاحلام علم لما هو قادم من احداث

ومن كلِّيَّات التعبير أنَّ كلَّ ما كان وعاء للماء فهو دالٌّ على الأثاث، وكلَّ ما كان وعاءً للمال كالصُّندوق والكيس والجراب فهو دالٌّ على القلب، وكلَّ مدخول بعضه في بعض وممتزج ومختلط فدالٌّ على الاشتراك والتَّعاون أو النِّكاح، وكلَّ سقوط وخرور من عُلُوٍّ إلى سفل فمذموم، وكلَّ صُعُود وارتفاع فمحمود إذا لم يجاوز العادة وكان ممَّن يليق به، وكلَّ ما أحرقته النارُ فجائحة وليس يُرجى صلاحُهُ ولا حياته، وكذلك ما انكسر من الأوعية التي لا ينشعب مثلُها، وكلَّ ما خُطف وسُرق من حيث لا يرى خاطفه ولا سارقه فإنَّه ضائعٌ لا يُرجَى، وما عرف خاطفُه أو سارقُه أو مكانُه أو لم يغيب عن عين صاحبه فإنَّه يرجَى عودُه، وكلَّ زيادة محمودة في الجسم والقامة واللِّسان والذِّكر واللِّحية واليد والرِّجل فزيادة خير، وكلَّ زيادة متجاوزة للحَدِّ في ذلك فمذمومةٌ وشرٌّ وفضيحةٌ، وكلَّ ما رُئي من اللِّباس في غير موضعه المختصِّ به فمكروهٌ؛ كالعمامة في الرِّجل والخفِّ في الرأس والعقد في السَّاق، وكلَّ مَن استقضى أو استخلف أو أمر أو استوزر أو خطب ممَّن لا يليق به ذلك نال بلاءً من الدُّنيا وشرًّا وفضيحةً وشهرةً قبيحةً، وكلَّ ما كان مكروهًا من الملابس فخَلِقُه أهونُ على لابسه من جديده، والجوز مال مكنوز؛ فإن تفقَّع كان قبيحًا وشرًّا، ومن صار له ريش أو جناح له مال، فإن طار سافر.
وو عليك مراجعة بعض المواقع المعتمدة في تفسير الاحلام مثل التالية

https://www.facebook.com/tafsir.ahlam.maroc
http://fatwa.islamweb.net/Fatwa
وبالجملة فما تقدَّم من أمثال القرآن كلّها أصول وقواعد لعلم التَّعبير لمن أحسن الاستدلال بها، وكذلك مَن فهم القرآن؛ فإنَّه يُعبر به الرُّؤيا أحسن تعبير، وأصولُ التَّعبير الصَّحيحة إنَّما أخذت من مشكاة القرآن؛ فالسَّفينة تُعبَر بالنَّجاة؛ لقوله تعالى: }فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ{، وتُعْبَرُ بالتِّجارة، والخشب بالمنافقين، والحجارة بقساوة القلب، والبيض بالنساء، واللِّباس أيضًا بهنَّ، وشرب الماء بالفتنة، وأكل لحم الرجل بغيبته، والمفاتيح بالكسْب والخزائن والأموال، والفتح يُعبَر مرَّةً بالدُّعاء ومرَّةً بالنَّصر، وكالمالك يرى في محلة لا عادةَ له بدخولها يُعبَر بإذلال أهلها وفسادها، والحبل يُعبَر بالعهد والحقّ والعضد، والنُّعاس قد يعبَر بالأمن.

والبقل والبصل والثَّوم والعدس يعبَرُ لمن أخذه بأنَّه قد استبدل شيئًا أدنى بما هو خير منه؛ مال أو رزق أو علم أو زوجة أو دار، والمرض يُعبَرُ بالنِّفاق والشَّكّ وشهوة الرِّياء، والطفل الرَّضيع يُعبر بالعدو؛ لقوله تعالى: }فَالْتَقَطَهُ آَلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا{، والنِّكاح بالبناء، والرَّماد بالعمل الباطل؛ لقوله تعالى: }مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ{، والنور يُعبَر بالهدى، والظُّلمة بالضَّلال، من ههنا قال عمر بن الخطَّاب لحابس بن سعد الطَّائر وقد ولَّاه القضاء، فقال له: «يا أمير المؤمنين إنِّي رأيت الشَّمسَ والقمرَ يقتتلان، والنُّجوم بينهما نصفين». فقال عمر: مع أيهما كنت؟ قال: مع القمر على الشَّمس، قال: كنت مع الآية الممْحُوَّة؛ اذهب فلست تعمل لي عملاً، ولا تقتل إلَّا في لبْس من الأمر. فقتل يوم صفِّين، وقيل لعابر: رأيتُ الشَّمسَ والقمرَ دخلا في جَوفي، فقال: تموت. واحتجَّ بقوله تعالى: }فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ{.

وقال رجلٌ لابن سيرين: رأيتُ معي أربعةَ أرغفة خبز فطلعت الشَّمسُ، فقال: تموت إلى أربعة أيَّام، ثم قرأ قولَه تعالى: }ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا * ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا{، وأخذ هذا التَّأويل أنَّه حمل رزقه أربعةَ أيام، وقال له آخر: رأيت كيسي مملوءًا أرضة، فقال: أنت ميت. ثم قرأ }فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ{، والنخلةُ تدلُّ على الرجل المسلم وعلى الكلمة الطَّيِّبة، والحنظلة تدلُّ على ضدِّ ذلك، والصَّنم يدلُّ على العبد السُّوء الذي لا ينفع، والبستان يدلُّ على العمل، واحتراقُه يدلُّ على حبوطه؛ لما تقدَّم في أمثال القرآن، ومن رأى أنَّه ينقض غزلاً أو ثوبًا ليعيده مرَّةً ثانيةً فإنَّه ينتقض عهدًا وينكثه، والمشي سويًّا في طريق مستقيم يدلُّ على استقامته على الصِّراط المستقيم، والأخذ في بُنَيَّات الطَّريق يدلُّ على عُدوله عنه إلى ما خالَفَه، وإذا عرضت له طريقان ذات يمين وذات شمال فَسَلَك أحدَهما فإنَّه من أهلها، وظهور عورة الإنسان له ذنبٌ يرتكبه ويفتضح به، وهروبُه وفرارُه من شيء نجاة وظفر، وغرَقُه في الماء فتنة في دينه ودنياه، وتعلُّقُه بحبل بين السَّماء والأرض تمسُّكه بكتاب الله وعهده واعتصامه بحبله؛ فإن انقطع به فارَقَ العصمةَ؛ إلَّا أن يكون وَليَ أمرًا؛ فإنَّه قد يقتل أو يموت.

فالرُّؤيا أمثالٌ مضروبةٌ يضربها الملك الذي قد وكَّله اللهُ بالرُّؤيا ليستدلّ الرَّائي بما ضرب له من المثل على نظيره، ويَعبر منه إلى شبهه؛ ولهذا سُمِّي تأويلُها تعبيرًا؛ وهو تفعيلٌ من العبور؛ كما أنَّ الاتِّعاظَ يُسمَّى اعتبارًا وعبرةً لعبور المتَّعظ من النَّظير إلى نظيره.

ولولا أنَّ حكمَ الشَّيء حكمُ مثله وحكمَ النَّظير حكمُ نظيره لبطل هذا التَّعبير والاعتبار، ولما وَجَدَ إليه سبيلاً، وقد أخبر الله- سبحانه- أنَّه ضرب الأمثالَ لعباده في غير موضع من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عبادَه إلى تعقُّلها والتَّفكير فيها، والاعتبار بها؛ وهذا هو المقصودُ بها. انتهى كلامُ ابن القَيِّم.

وقال القرطبيُّ- رحمه الله- عن طرق تعبير الرُّؤيا: (وقد قال علماءُ أهل العبارة أنَّ لها أربعة طرق:

أحدهما: ما يُشْتَقُّ من الأسماء كما ذكرناه آنفًا؛ (إشارةً إلى حديث أنس، قال: قال رسول الله r: رأيت ليلةً فيما يرى النَّائم كأنَّا في دار عقبة بن رافع فأتينا برُطب من رطب ابن طاب، فأوَّلتُ الرِّفعة لنا في الدُّنيا والعاقبة في الآخرة، وأنَّ دينَنا قد طاب)([1]). رواه مسلم.

وثانيهما: ما يُعتبر مثالُه ويُمَيَّزُ شكلُه؛ كدلالة معلِّم الكتاب على القاضي، والسُّلطان وصاحب السجن ورأس السَّفينة.

وثالثهما: ما يعبره المعنى المقصود من ذلك الشَّيء المرئيِّ؛ كدلالة فعل السَّفر على السَّفر وفعل السُّوق على المعيشة وفعل الدَّار على الزَّوجة والجارية